jeudi 12 avril 2018

الحوار مع الطفل وأهميته




عالم الطفل كبير جدًا ولا يمكن لنا الإحاطة به بشكل واسع وعميق، فالطفل يملك من المشاعر والأحاسيس التي لا يستطيع التعبير عنها كالراشد، ولا بدّ من مساعدته على أن يتعلم العيش والتعايش ضمن المجتمع المحيط به.
إنّ حاجات الطفل لا تقتصر على الماديّات من طعام وكساء، بل تتعدى ذلك إلى الحاجة إلى تعلم الحياة والحوار مع الطفل هو أساس مهم من تعليم الطفل طريقة العيش ضمن مجتمعه، فالحوار ﻫﻮ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺤﺪيث بين شخصين أو فريقين يتم فيه ﺗﺪاول اﻟﻜﻼم بينهما بطريقة ﻣﺘﻜﺎﻓﺌﺔ، ﻓﻼ يستأثر ﺑﻪ أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻋﻦ اﻵﺧﺮ ويغلب عليه اﻟﻬﺪوء واﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ اﻟﺨﺼﻮمة.

والحوار ﻫﻮ أﻓﻀﻞ طريقة ﻟﻠﺘﻔﺎﻫﻢ بين اﻷﻃﺮاف المتباينة اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻄﻬﻢ ﻣﺼﺎﻟﺢ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ، ليتمكن ﻛﻞ ﻃﺮف ﻣﻦ ﻓﻬﻢ ﺳﻠﻮك وﺗﺼﺮف اﻟﻄﺮف اﻵﺧﺮ، ﻓﺎﻷﻓﺮاد أو اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺴﻌﻰ أو ﺗﺘﺤﺮك ﻓﻲ اﺗﺠﺎﻩ تحقيق ﻣﻨﻔﻌﺔ أو ﻣﺼﻠﺤﺔ معينة ﻻﺑﺪ أن يكون ﻟﻬﺎ ﻏﺮض و وسيلة وﻫﺪف.
ﻟﻠﺤﻮار ﻣﻊ اﻟﻄﻔﻞ طريقة معينة وآداب يجب إتباعها ﻓﻲ ﻛﻞ اﻷﺣﻮال واﻻﻟﺘﺰام ﺑﻬﺎ:
يلعب اﻟﺤﻮار ﻣﻊ اﻷﻃﻔﺎل دورًا أساسيًا ﻓﻲ تربية اﻟﻄﻔﻞ تربية سليمة، ﻓﺎﻟﺤﻮار ﻣﻊ اﻟﻄﻔﻞ ﻟﻪ ﻓﻮاﺋﺪ كثيرة ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻷﻃﻔﺎل ﺧﻼل ﻣﺮاﺣﻞ ﻧﻤﻮﻩ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ، لاسيما أن توجيه اﻷواﻣﺮ يتسبب ﻓﻲ زيادة ﻋﻨﺎد وﻏﻀﺐ الطفل.
أهمية اﻟﺤﻮار ﻣﻊ الأطفال:
إنّ اﻟﺤﻮار يساعد ﻋﻠﻰ ﻧﺸﺄة اﻷﻃﻔﺎل ﻧﺸﺄةَ سوية وﺻﺎﻟﺤﺔ وبعيدة ﻋﻦ الإﻧﺤﺮاف اﻟﺨﻠﻘﻲ واﻟﺴﻠﻮﻛﻲ، اﻟﺤﻮار يوجه اﻟﻄﻔﻞ ويكسبه هويته الدينية، وﻋﻦ أﺑﻲ هريرة رﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻗﺎل ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ عليه وﺳﻠﻢ: «ﻛﻞ ﻣﻮﻟﻮد يولد ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻄﺮة ﻓﺄﺑﻮاﻩ يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه» ﻓﺤﻮار اﻵﺑﺎء ﻣﻊ أﻃﻔﺎﻟﻬﻢ يكسبهم المفاهيم واﻟﻤﺒﺎدئ الدينية اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜﻞ الهوية الدينية ﻟﺪى اﻟﻄﻔﻞ.
إن غياب اﻟﺤﻮار ﻓﻲ جميع ﻣﺮاﺣﻞ ﻧﻤﻮ اﻟﻄﻔﻞ ﻣﻨﺬ اﻟﺼﻐﺮ إﻟﻰ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ الجامعية يؤدي إﻟﻰ ﻓﻘﺪان اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ مدّ جسور التواصل، فاﻟﺤﻮار بين اﻟﻄﻔﻞ والمحيطين ﺑﻪ يكسبه ﺧﺒﺮات ويوسع ﻣﺪارﻛﻪ الفكرية وينمي ﻋﻘﻞ اﻟﻄﻔﻞ ويساعده ﻋﻠﻰ التعليم وﻧﻘﻞ اﻟﺘﺮاث والهوية واﻟﻔﻜﺮ، اﻟﺤﻮار يساهم ﻓﻲ ﺑﻨﺎء شخصية اﻟﻄﻔﻞ وﻫﻮ ﺿﺪ اﻟﻘﻤﻊ، واﻟﺤﻮار ﺿﺮوري ﻟﺸﻌﻮر اﻷﺑﻨﺎء ﺑﺎﻷﻣﻦ واﻟﺮاﺣﺔ النفسية، ويعتبر وسيلة ﻣﻦ وﺳﺎﺋﻞ الإﻗﻨﺎع.
يعد اﻟﺤﻮار اﻷﺳﺮي أﺳﺎسًا مهمًا ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت الأسرية الحميمة البعيدة ﻋﻦ اﻟﺘﻔﺮق واﻟﺘﻘﺎﻃﻊ حيث
1- يخلق اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ بين اﻟﻄﻔﻞ وأبويه ﻣﻤﺎ يساعدهما إﻟﻰ دﺧﻮل ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻄﻔﻞ اﻟﺨﺎص، وﻣﻌﺮﻓﺔ إحتياجاته ويسهل اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻪ.
2- يجعل ﻣﻦ اﻷﺳﺮة ﻛﺎﻟﺸﺠﺮة اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺜﻤﺮ ﺛﻤﺎرًا ﺻﺎﻟﺤﺔ طيبة، وﻫﻲ اﻟﺴﻠﻮى ﻟﻬﺬﻩ الحياة.
3- يتعلم ﻛﻞ ﻓﺮد ﻓﻲ اﻷﺳﺮة أهمية اﺣﺘﺮام اﻟﺮأي اﻵﺧﺮ فيسهل ﺗﻌﺎﻣﻠﻪ ﻣﻊ الآخرين.
أﻫﺪاف اﻟﺤﻮار ﻣﻊ اﻟﻄﻔﻞ:
 – إﻧﻀﺎج ﻗﺪراﺗﻪ الفطرية وتحريك ﻃﺎﻗﺎﺗﻪ اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ.
 – اﻟﺤﻮار قضية تعليمية ﻣﺘﻌﺪدة اﻷوﺟﻪ والآليات.
 – اﻟﺤﻮار ﻧﻘﻞ اﻟﺘﺮاث والهوية واﻟﻔﻜﺮ ﻟﻠﻄﻔﻞ.
 – اﻟﺤﻮار عملية تربوية لتثبيت وإﻧﻀﺎج المفاهيم الأخلاقية.
صورة توضح المراحل المختلفة لنمو الطفل
 إنّ طبيعة اﻟﺤﻮار ﻣﻊ اﻟﻄﻔﻞ تأخذ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﺮاﺣﻞ:
اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻷوﻟﻰ: ﺣﻮار الحديث واﻟﺤﺮﻛﺎت وهي من ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻮﻻدة ﺣﺘﻰ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ.
وفي هذه المرحلة يقوم الوالدين بالتكلم الطويل مع الطفل ومناغاته والاهتمام بحركاته ومكافأته عليها واختيار ألعاب ﺗﻨﻤّﻲ ﻗﺪراﺗﻪ العقلية والجسدية.
تجنب أي ﺣﺮﻛﺔ منافية ﻟﻠﻌﻔﺔ واﻷﺧﻼق أمامه بل وممارسة الشعائر الدينية أمامه كالصلاة والدعاء.
التحدث مع الطفل ﺑﻠﻐﺔ صحيحة وفصيحة وﻛﺄﻧﻪ يفهم ما يقال مع عدم إظهار أي ملل منه.
اﻵﺛﺎر التربوية ﻟﻠﺤﻮار ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ العمرية:
1- تنمية اﻟﻘﺪرات الذهنية ﻟﻠﻄﻔﻞ وتهيئة البيئة الإجتماعية.
2- اﻹﻋﺪاد اﻟﺮوﺣﻲ واﻟﻤﻌﻨﻮي ﻟﻠﻄﻔﻞ ﻟﻠﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻷﺳﺮة.
3- اﻋﺘﺒﺎر اﻟﻄﻔﻞ ﻛﺄﺣﺪ أﻓﺮاد اﻷﺳﺮة الفاعلين والمشاركين.
4- اﻋﺘﺒﺎرﻩ مرحلة إعدادية ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺮوع اﻟﺘﺮﺑﻮي الطويل.
يحصل اﻟﻄﻔﻞ ﻋﻠﻰ 50٪ ﻣﻦ ﻗﺪراﺗﻪ العقلية ﻓﻲ نهاية العام الثالث ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻩ.
اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ الثانية: ﺣﻮار اﻟﺼﻤﺖ واﻹﻧﺼﺎت من سن اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﺣﺘﻰ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ.
ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ يتكلم اﻟﻄﻔﻞ ويعبر ﻋﻦ ﺣﺠﻢ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﺘﻲ اﺧﺘﺰﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ، وﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ ﻫﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻷﺳﺌﻠﺔ وﺑﻨﺎء ﻣﻌﺮﻓﺔ جدبدة بطريقة جديدة، وﻫﺬﻩ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﻗﺎﻋﺪﺗﻬﺎ الإنصات ﻷﺳﺌﻠﺔ الطفل ﺑﺎﻫﺘﻤﺎم.فأﺳﺌﻠﺔ اﻟﻄﻔﻞ ﺑﻮاﺑﺔ ﻻﻛﺘﺸﺎف اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺣﻮﻟﻪ، وأداﺗﻪ ﻓﻲ تصحيح فهمه لما يحيط به،والحرص على حصوله على إجابته لكي لا يجدها بطريقة ﺧﺎﻃﺌﺔ، أو ﺗﻜﻮن غير صحيحة.
اﻷﺳﺌﻠﺔ ﺗﻌﺒّﺮ ﻋﻦ اﻟﺤﻀﻮر وإﺛﺒﺎت الوجود فتجنب اجابته ﺑﺼﺪق ﻟﻜﻦ ﺑﺬﻛﺎء، وأﺳﺌﻠﺔ اﻟﻄﻔﻞ الجنسية ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﻫﻲ ﺟﺰء ﻣﻦ منظومته في فهم ما يدور حوله وهنا يجب الصدق في الإجابة ﻣﻦ غير ﻋﻤﻖ.
ﻓﻮاﺋﺪ اﻹﻧﺼﺎت إﻟﻰ أﺳﺌﻠﺔ اﻟﻄﻔﻞ
1- تنمية شخصية اﻟﻄﻔﻞ.
2- تنمية ﻗﺪراﺗﻪ اللغوية وتمرينه ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﻜﻠﻤﺎت والتعابير الجديدة.
3- اﻛﺘﺴﺎب اﻟﺨﺒﺮة واﻟﺘﺠﺎرب.
4- التدريب ﻋﻠﻰ اﻹﺻﻐﺎء واﻻﺳﺘﻤﺎع إﻟﻰ اﻷﺟﻮﺑﺔ.
5- يؤكد ﺣﻀﻮرﻩ ﻛﺄﺣﺪ أﻓﺮاد اﻷﺳﺮة.
6- ﺗﺴﺎﻋﺪﻩ ﻋﻠﻰ التكييف اﻟﻨﻔﺴﻲ واﻟﺬاﺗﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ.
اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ: ﺣﻮار الراشدين من سن اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ حتى اﻟﺮﺷﺪ.
التأكيد ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﻋﻠﻰ أهمية التربية العقلية والإيمانية ﻟﻠﻄﻔﻞ وكيفية ﻧﻘﻞ اﻟﻤﻔﻬﻮم الإيماني واﻟﻌﻘﺪي دون ترسيخ ﻣﻔﻬﻮم العصبية العمياء والكراهية للغير.
القواعد العقلية العامة في تنمية الانتماء العقدي للأطفال والعالم
1- اﻟﺮﺑﻂ بين اﻟﻠﻪ ﺧﺎﻟﻖ اﻟﻜﻮن وﻣﻮﺟﺪ ﻛﻞ ﺷﻲء واﻟﻮﺟﻮد.
2- إﺛﺎرة التفكير ﻋﻨﺪ اﻷﻃﻔﺎل ﻣﻦ ﺧﻼل ﻟﻔﺖ اﻧﺘﺒﻬﺎﻫﻢ إﻟﻰ دﻗﺔ وتفاصيل اﻟﺨﻠﻖ.
3- أهمية الدين ﻟﻠﻄﻔﻞ ﻓﻲ الاﺳﺘﻘﺮار اﻟﻨﻔﺴﻲ. والدين يمنح اﻟﻄﻔﻞ ﻓﻲ سنين ﻋﻤﺮﻩ اﻷوﻟﻰ ﺳﻨﺪًا روحيًا بحيث يشعر ﻓﻲ ﻇﻠﻪ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﺼﻮن ﻣﻦ ﻛﻞ ﺳﻮء وليس ﻫﻨﺎك ﺛﻤﺔ اﻧﺤﺮاف أو ﺷﺬوذ سيواجه ﻓﻲ سيرته إذ يمنحه ﺷﻌﻮرًا ﺑﺎﻷﻣﻦ واﻟﻬﺪوء اﻟﻨﻔﺴﻲ ويصبح سببًا ﻻﻃﻤﺌﻨﺎﻧﻪ، وﺗﻤﻜﻨﻪ اﻟﺘﺤﺮك واﻻﻧﺪﻓﺎع ﺑﻘﻠﺐ ﻗﻮي وﺛﺎﺑﺖ.
أهم الطرق المتبعة في الحوار مع الأطفال
أوﻻً: طريقة التعليم
ﻫﺬﻩ الطريقة ﻫﻲ اﻷﻛﺜﺮ شيوعًا بين اﻵﺑﺎء، حيث يرى ﻣﻌﻈﻢ اﻵﺑﺎء أن ﻣﻬﻤﺘﻢ اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ حياة اﻟﻄﻔﻞ تعليمه وإرﺷﺎدﻩ وﻫﺬا يحدث يوميًا ﺑﻞ لحظيًا.
ثانيًا: طريقة اﻟﺘﻌﺎﻃﻒ
في هذه الطريقة يبحث الطفل عمن يفهم مشاكله ويظهر تعاطفه معه لمساعدته على تحملها وتجاوزها، فمثلًا رفض أصدقاء الطفل في المدرسة اللعب معه قد لا تبدو مهمة للكبار ولكن قد تكون مشكلة ذات شأن كبير بالنسبة للطفل.
ثالثًا: أﺳﻠﻮب التشجيع واﻟﺜﻨﺎء
ﻫﺬا ﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﻄﺮق ﻟﻺﺑﻘﺎء ﻋﻠﻰ السلوكيات السليمة لدى الطفل ومكافأته على ما يقوم به من أعمال حسنة.
راﺑﻌًا: طريقة التفاوض
والتي يتم فيها عقد اتفاقيات بين الطفل ووالديه حول متطلباته وشروط تحقيقها ومسؤوليته عما هو مكلف به.
ﺧﺎﻣﺴًا: طريقة اﻷواﻣﺮ واﻟﻨﻮاﻫﻲ
وعادة ما يتم اللجوء بكثرة لهذه الطريقة في حالات الانشغال ووجود ما يتهدد الطفل ولاختصار الوقت وضيقه .
يبقى الطفل أساس مشروع أية أسرة قدّر الله لها أن تتكون لتبني إنسانًا هو خليفة الله في أرضه
فلنكن على قدر تلك الأمانة تجاه ما وهبنا الله.






الحوار مع أبنائنا.. كيف نمدّ جسوره؟






أصبح الحوار ضرورة ملحة في مجتمع معاصر منفتح على كل شيء، وهو كوسيلة تواصل يعمل على دعم شخصية الأبناء وتحقيق التعاون والألفة، ويخلق مساحة من الود بينهم ويعمل على مساعدة الوالدين في التعرف على مشكلات أبنائهم وتوجيههم. إلا أن غالبية الآباء يجهلون أصول الحوار ويعجزون عن تحقيقه، فكيف نبني الحوار ونمد جسوره مع أبنائنا؟

الحوار يبدأ منذ الولادة


من الأهمية بمكان النظر في عيني الطفل منذ ولادته، ومناغاته والغناء له حتى وإن كان لا يفهم ذلك، كبداية للتواصل بينه وبين والديه لتنمية استعداداته وقدراته للحوار معهم في المستقبل.
حسن الإنصات والاستماع للأطفال له دور مهم في نجاح الحوار والتفاهم والتواصل، والإنصات لا يعني الاستماع فقط، بل يتعداه إلى استماع كل الأمر ثم اتباع أحسن الأقوال والتحاور والمناقشة فيها. فانشغال الوالدين بالهاتف، والتسرع بالإجابة، ومقاطعة الحديث وتحويله لموضوع آخر كل ذلك يدل على عدم الإنصات الجيد.
إن غياب الاستماع الجيد يؤدي إلى سوء الفهم، وسوء الفهم سوف يؤدي إلى المشاكل وتفكك العلاقات، لذلك على الوالدين إذا أرادوا أن يتقنوا الحوار الجيد مع أبنائهم أن يتقنوا الاستماع الجيد حتى يتحقق التحاور فيتشجع الأولاد للحديث مع والديهم.

تدريب الأطفال على الحديث









إن قيام الوالدين بسرد قصة حصلت معهم أمام أولادهم واستشارتهم وطلب رأيهم فيما حدث دون استهزاء أو تقليل من قيمتهم، يشجعهم على أن يستشيروأ آباءهم في أي أمر مهما كان صعبًا أو مخجلًا، وقد ضرب لنا الرسول (ص) مثالًا في الحوار، عندما أتى إليه مراهق يستأذنه في الزنا، وقد كان أحب شيء إلى قلبه، وخرج من عند الرسول والزنا أبغض شيء إلى قلبه، ذهب الشاب إلى الرسول لأنه يعرف أن سيستمع إليه، وسيمنحه مساحة للحوار، دون أن يؤنبه أو يزجره.

شارك أبناءك اهتماماتهم وعبر عن حبك لهم


نزول الوالدين لمستوى أبنائهم ومشاركتهم اهتماماتهم، مهما كانت حتى لو خارج نطاق خبراتهم الدراسية كفيلم كرتون، أو هواية كالرسم أو الكرة، سوف يشعرهم بالسعادة، ويسهم في بناء شخصياتهم بشكل متوازن ويمد جسور الحوار والتفاهم بينهم.
كما أن محور تربية الأولاد يدور أساسًا حول الحب، وهو من الحاجات الأساسية عند الإنسان،  فإظهار الحب للأولاد وعدم كتمانه هو من الأمور الأساسية التي تبني العلاقة بين الآباء والأبناء، فالطفل منذ ولادته يحتاج إلى الحب وعلى الوالدين تخصيص الوقت الكافي لاحتضانه وتقبيله، ومداعبته.

ولا يقتصر إظهار الحب على مرحلة الطفولة، بل في كل مراحل حياة الأولاد وكل حسب سنه، فعبارة: أنا أحبك، أنت كل حياتي… وغيرها من عبارات الحب لن تكلف الوالدين شيئًا، لكنها تعني للمراهق الكثير.
كذلك فإن تشجيع الأبناء على التعبير عن حبهم ومشاركتهم مشاعرهم تجاه أمور عديدة، حتى وإن كانت مزعجة، يفسح المجال للتبادل العاطفي لمعرفة ما يشعرون به ومشاركتهم ذلك.

راعِ الفروق الفردية ولا تحقق مع أبنائك


ينفرد كل فرد من أفراد الأسرة بشخصية لا تشبه شخصية الآخر، فالأسلوب الذي ينجح مع هذا قد يفشل مع الآخر، وعلى الوالدين اختيار طريقة تتناسب مع كل فرد حسب عمره وشخصيته والتعامل معهم على هذا الأساس.
كما أن استخدام أسلوب التحقيق في الحديث مع الأبناء يشعرهم بأنهم في محكمة، وهذا بدوره يشعرهم بالضيق والانزعاج ولا يشجعهم على الاستمرار في الحديث، فيكتفون بإجابات قصيرة دون ذكر تفاصيل.

كن رحب الصدر ولا تستهزئ


إن الاستهزاء والسخرية بما يقول الابن يخلف آثارًا نفسية خطيرة تدمر شخصية الطفل وثقته بنفسه، فتلتصق عبارات السخرية بهم طيلة حياتهم وتغلق أبواب الحوار بين الطفل ووالديه.
وإذا حدث خلاف بين الوالدين والأبناء في موضوع ما، فيجب تقبل هذا الاختلاف من الطرفين والاستمرار بالمناقشة بهدوء، ففي ذلك تعليم احترام الآراء، واستمرار التواصل والحوار رغم الاختلاف.
كما أن على الوالدين عدم تجاهل أسئلة أبنائهم أثناء الحديث معهم، والإجابة عليها قدر الإمكان، ولا ضير في الاعتذار إن لم تكن هنالك إجابة، فذلك يشجع على الحوار ويثريه.



تهاني مهدي